الصفحة الرئيسية

 

   لماذا قتل المدنيون في جنين ؟

 

إن  المراقب للقضية الفلسطينية  على مدى قرن من الزمان و منذ بداية هذا الصراع بات  يتأسى لما آلت

إليه الأوضاع التفاوضية التي يعكسها التراجع الدائم  للسقـف السياسي للمطالب العربية و خاصة الفلسطينية بينما نشهد ارتفاعًا  مستمراً للسقـف السياسي للمطالب الإسرائيلية ،  و في نظرنا أنه بات لزاماً علينا  أن ندرك البعد الجغرافي الحقيقي الذي قَدمت  الحكومة البريطانية بناءً  عليه  وعدها الشهير بوعد بلفور ، و ذلك  لكي ندرك الهدف الذي يريد الإسرائيليين الوصول إليه في نهاية المطاف ، كما أن هذا الفهم سيعيننا على أن نعي السبب وراء امتناع الحكومات الدولية عن  التدخل الفاعل لحل الصراع  منذ  أن  اِختُلقت هذه القضية عام 1922 ، و يُمَكِننا من تفسير السبب الحقيقي وراء الإفشال المتعمد لأي تحرك عربي.

إن بداية الربط بين البعد الجغرافي و المطامع الصهيونية الحقيقية في هذه المنطقة من العالم تكمن في الفهم المتعمق لمعنى هذه الجملة التي وردت في مقدمة الوثيقة التي أقرت الانتداب البريطاني على فلسطين من قبل عصبة  الأمم بتاريخ 24/7/1922 و رقمها في أرشيف الأمم المتحدة  C. 529. M. 314. 1922. VI. و يمكن الإطلاع عليها كاملة من مكتبة الأمم المتحدة و تحديداً من الصفحة التي تحمل العنوان الآتي:

 http://domino.un.org/UNISPAL.NSF/db942872b9eae454852560f6005a76fb/0fd3bc99b90083c0852561f20066e076!OpenDocument

 

 “Whereas the Principal Allied Powers have also agreed that the Mandatory should be responsible for putting into effect the declaration originally made on November 2nd, 1917, by the Government of His Britannic Majesty, and adopted by the said Powers, in favour of the establishment in Palestine of a national home for the Jewish people, it being clearly understood that nothing should be done which might prejudice the civil and religious rights of existing non-Jewish communities in Palestine, or the rights and political status enjoyed by Jews in any other country; and Whereas recognition has thereby been given to the historical connection of the Jewish people with Palestine and to  the grounds  for reconstituting their national home in that country ”.

حيث أن قوى الحلفاء الرئيسية اتفقت أيضاً على أنه  يتوجب على حكومة الانتداب أن تضع حيز التنفيذ  الوعد الذي قطعته حكومة صاحب الجلالة البريطانية في الثاني من نوفمبر 1917 و الذي تم اعتماده من القوى العظمى من أجل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، إنه قد فهم بوضوح أنه لن يُفعل شيءٌ من شأنه الإجحاف بالحقوق المدنية و الدينية للسكان من غير اليهود في فلسطين، و لا الحقوق السياسية التي يتمتع بها اليهود في أي دولة أخرى، و حيث أنه قد تم الاعتراف لليهود بالروابط التاريخية لهم بفلسطين لإعادة تجميع وطنهم القومي في تلك الدولة " .

 

ففي هذه الفقرة  جملة مركبة تركيباً دقيقاً و تحتوي على ثلاثة  كلمات أساسية لا يمكن المرور عنها، بل  يتوجب التوقف عندها و التأمل فيما ورائها  و هذه الكلمات هي recognition  وتعني  الاعتراف  وhistorical_connection  وتعني  الروابط التاريخية  و  reconstituting و تعني  إعادة تجميع  و المعنى وراء هذه الكلمات الثلاثة مشمولة بسياق الجملة المتكاملة أعلاه تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القوى العظمى في عصبة الأمم اعترفت لليهود في عام 1922  بإعادة تجميع وطن  قومي لهم  في فلسطين له صفة تاريخية واضحة المعالم و سيدعمون قيامه على مراحل و هذا ما تثبته كلمة reconstituting  التي تعني تجميع و لا تعني إنشاء ، و قد قامت تلك القوى بحسب الوثيقة بانتداب بريطانيا على فلسطين لتحقيق هذا الهدف .

 

و ما يهمنا هو أن نستطيع أن ندرك الحدود الجغرافية الدقيقة  التي طلب اليهود من أعضاء عصبة الأمم اعتمادها في ذلك الوقت ،  حيث قام أعضاء العصبة بالاطلاع  على هذه الخارطة و ربما إقرارها بالخفاء أو في وثائق سرية .

 

أما المدخل التاريخي الذي يمكننا البدء منه في هذا البحث،  فهو موجود في تقرير منشور على موقع الأمم المتحدة  و هذا هو عنوان الموقع على شبكة الإنترنت  للإطلاع عليه لمن أراد.

http://www.un.org/Depts/dpa/qpal/dpr/DPR_pp_1.htm

و في الصفحة رقم 25 تقول الفقرة  " التقرير غير مرقم، و لكن عند طباعته يكون رقم الصفحة 25 " :

The borders of Palestine

Zionist ambitions for the national home had sought considerably more territory, extending into Lebanon, Syria, Transjordan, and Egypt, than was actually assigned to the Mandatory Power. The Zionist Organization's initial proposal asked that the Jewish national home be established within the following borders:

"... In the north, the northern and southern banks of the Litany River, as far north as latitude 33° 45'. Thence in a south-easterly direction to a point just south of the Damascus territory and close and west of the Hedjaz Railway.

"In the east, a line close to and west of the Hedjaz Railway.

"In the south, a line from a point in the neighbourhood of Akaba to El Arish.

"In the west, the Mediterranean Sea.

"The details of the delimitation should be decided by a Boundary Commission, one of the members of which should be a representative of the Jewish Council for Palestine hereinafter mentioned.

"There should be a right of free access to and from the Red Sea, through Akaba, by arrangement with the Arab Government ..."

The map covered by these proposed frontiers is shown in the map at annex VI.

" إن الأطماع الصهيونية في وطن قومي لهم تعدت ما قد ما قد قرره الانتداب لتشمل أراض في كل من لبنان و سوريا و عبر الأردن و مصر حيث طالبوا بالحدود الآتية:

·       من الشمال ،الشاطئ الشمالي و الجنوبي انهر الليطاني حتى خط عرض 33 درجة و 45 دقيقة.

·       من الشرق خط قريب و لكنه من خط سكة حديد الحجاز.

·    من الجنوب خط من بجوار ميناء العقبة حتى العريش.

·       من الغرب البحر الأبيض المتوسط .

و الملفت للنظر في الجملة الأولى أنه لم يذكر فلسطين من ضمن الدول التي كان لليهود فيها أطماع خارج ما أقره الانتداب بما يدلل على أن فلسطين كاملة كانت قد سوي أمرها مع الانتداب لتكون وطناً قومياً لليهود.

و قد نشرت الأمم المتحدة هذه الحدود على شكل خارطة موجودة في الملحق السادس من نفس المستند المذكور، و هي الخارطة المدرجة أدناه كما وردت في المستند .

علينا  إمعان النظر في الخريطة إلى اليسار ،ثم الدخول  إلى موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على  شبكة الإنترنت   http://www.israel.org/mfa/go.asp?MFAH0dtc0 للبحث عن وجهة النظر الصهيونية فيما يعتقدون أنها دولتهم التاريخية " أو ما يرسمونه لأجيالهم من معتقدات" ، ومن ثم دراسة ما يمكننا استخلاصه.  و لابد هنا من التركيز على وجهة نظرهم لأننا إذا استطعنا أن نفهم معتقداتهم ، عندها فقط نستطيع أن ندرك ما يفكرون به كخطوة قادمة.

من الموقع المذكور ندرك أن لليهود ثلاث خرائط تاريخية "مبينة في الصفحة التالية" شكلت ممالكهم على ثلاثة مراحل تاريخية ،  أولى هذه الممالك سميت مملكة داوود وسليمان و أقيمت عام 1000 قبل الميلاد و استمرت 70 عاما " الخارطة اليمنى " إلى أن انفصلت إلى مملكتين هما 

إسرائيل و يهودا حيث انتهت مملكة إسرائيل عـلى يــد الآشوريين عام 722 قبل الميلاد و انتهت مملكة يهودا عام 586 قبل الميلاد على يد البابليين أما مملكة الهسمونيين "المملكة المكابية"  فقد ظهرت بين عامي 142 و  60 قبل الميلاد "الخارطة اليسرى  و نرى في كل من هذه الخرائط أنها احتوت على  حدود سوداء "أو غامقة" و هي حدود المملكة المزعومة  في ذلك الوقت  و حدود حمراء "أو فاتحة" و هي حدود ما تحتله إسرائيل الآن من أراضي سواء كانت فلسطينية أو سورية أو لبنانية ، و علينا أن نعرف من الخرائط  أي من هذه الممالك هي  ما يطمح اليهود بتحقيقه في المنطقة بعيداً عن المقولة التي دأبنا على تكرارها و التي تقول أن دولة اليهود تمتد من النيل إلى الفرات ، و من المعتقد أن هذا الطرح أوجد للفت الانتباه عن حقيقة نوايا اليهود ، حيث غياب المؤشرات التي تدل على مطالبة اليهود بمنطقة النيل إلى الفرات "حتى من تصريحاتهم الإعلامية"  قد توحي للمتابع أن هذه الدولة ليست لها أطماع إقليمية ، أو أن تكون حدود المملكة المقصودة تمثل الحد الأدنى لما يمكن أن يوافق عليه الصهاينة من طموح يمتد من النيل إلى الفرات. 

بعد أن وضعنا هذه الحقائق التي تمثل وجهة النظر الصهيونية ، نتعرض الآن لجملة من الحقائق التاريخية ، و نبدأ بهذه الفقرة من وثيقة الانتداب حيث تقول:

The Mandatory should be responsible for putting into effect the declaration originally made on November 2nd, 1917, by the Government of His Britannic Majesty, and adopted by the said Powers, in favour of the establishment in Palestine of a national home for the Jewish people

" يتوجب على حكومة الانتداب أن تضع حيز التنفيذ  الوعد الذي قطعته حكومة صاحب الجلالة البريطانية في الثاني من نوفمبر 1917 و الذي تم اعتماده من القوى العظمى من أجل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ".

 

و لا بد من إدراك حقيقة لا يختلف عليها اثنان ، و هي أن حدود فلسطين وقت صدور وثيقة الانتداب بتاريخ 24/7/1922  شملت مجمل مساحة فلسطين و الأردن ، و بعد قرار الانتداب بأشهر و في العام  1923 أقرت عصبة الأمم فصل فلسطين إلى دولتين هما  فلسطين و عبر الأردن و هو ما يدل على أن الهدف الأساس من هذا الفصل  يندرج تحت جملة " حيز التنفيذ "  putting into effect بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الفصل جاء للتمييز بين حدود دولة اليهود و دولة العرب، ويدلل على ذلك التتابع الغريب بين صدور وثيقة الانتداب و إقرار تقسيم الدولة إلى دولتين.

 

فإذا تمت مقارنة بين ما تقدم  به الصهاينة إلى الحلفاء  كحدود لدولتهم كما ورد في الخارطة المبينة في الصفحة الثالثة، فإن خارطة مملكة الهسمونيون " الخارطة اليسرى"  تخرج من سياق هذا البحث لأنها لا تحتوي على صحراء النقب ، كما أن قيام اليهود بالاستيلاء على النقب في أولى حروبهم مع العرب يعطيها بعداً تاريخياً إذا أخذ بعين الاعتبار طبيعتها الصحراوية و اتساع رقعتها، و هو ما يؤكد أهميتها لمخططهم ، وبذلك تستثنى مملكة الهسمونيين .

 

وبالنظر المتعمق  في الخارطتين المتبقيتين علماً بأنهما شديدتا التقارب  ندرس الحقائق التالية :

1- ليس صدفة أن حرب 1948 رسمت حدوداً أولية لدولة إسرائيل تعدت خارطة التقسيم علماً بأن اليهود قد استعطفوا العالم أجمع في ذلك الوقت لحمل العرب على الموافقة على قرار التقسيم .

2- ليس صدفة أن  العرب الموجودون في داخل ما يسمى إسرائيل أجبروا على التمركز في منطقة الشمال الغربي، و تثبت الخارطتان المتبقيتان  أن هذه المنطقة تقع خارج حدود المملكة التي  يطمحون بإقامتها .

3- ليس صدفة أن تعرض إسرائيل في عدة مرات الانسحاب من غزة لنجد أن غزة تقع خارج حدود المملكة المقسمة "إسرائيل و يهودا"    أو    مملكة داوود و سليمان.

4-   ليس صدفة أن اتفاقية أوسلو كرست الضفة الغربية على افتراض الكانتونات والتمسك بها.

5-  إن اليهود كانوا يضمرون طرد سكان فلسطين لذلك فإنهم طالبوا الحلفاء  بمساحة أكبر من حدود المملكة المنشودة بغض النظر أي من الخارطتين نعني في هذا المقام و ذلك لإزاحة غير اليهود من دولتهم التي ينص دستورها على أنها وطن خالص لليهود.

فإذا أمعنا في الخارطة المسماة مملكة داوود و سليمان و المبينة أعلاه على اليمين و الموجودة عل الموقع  http://www.israel.org/mfa/go.asp?MFAH0dsr0 تبين لنا الآتي :

1. ليس صدفة أن انسحاب إسرائيل من لبنان استثنى مزارع شبعا لنجد أن المزارع هي داخل حدود مملكة داوود و سليمان   و هي المثلث الأسود فوق الخط الأحمر.

2. ليس صدفة أن إسرائيل توصلت إلى اتفاق سلام مع سوريا كان الخلاف بينهما فيه على 260 متر هي شاطئ بحيرة  طبريا و بالنظر إلى الخارطة   نجد الشاطئ كله  داخل حدود المملكة.

3. ليس صدفة أن إسرائيل تنادي بعاصمة أبدية موحدة هي القدس و مملكة داوود و سليمان هي المملكة الوحيدة التي كانت القدس عاصمتها و كانت تدعى حينئذ أورشليم .

4. ليس صدفة أن يقوم الإسرائيليين الآن بشراء أراضي في الأردن و تؤكد الخارطة أطماعهم في مناطق شاسعة من غربها تصل إلى حدود مدينة عمان .

5.   يجب ملاحظة  أن التهديدات التي يطلقها العدو عند تعرضه لصواريخ حزب الله يطلقها  دائما ضد سوريا و يتبين من الخارطة ما لهم من أطماع في منطقة شاسعة حول محافظة درعا ، و هنا يجب عدم نسيان التهديدات التي أطلقت بحق مصر منذ فترة "بضرب السد العالي" ، مما يؤكد طموحاتهم فيها و عدم نسيانهم لسيناء .

إن عدم تدخل الدول الكبرى في الصراع بشكل فاعل و تبريره على مدار عقود بضرورة إيجاد حل سلمي فاعل لهو الدليل الأكيد أن القوى العظمى في عصبة الأمم في ذلك الوقت " 1918 " كانت قد أقرت هذه المطامع مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم اطلعوا عليها بحسب الوثيقة المذكورة في أول البحث ، و ما يدعو إلى الشك أيضا أن مجلس الأمن لم يطالب إسرائيل أثناء حرب عام 1948 بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها   و لم يقم بتفعيل الفصل السابع علما بأن قرار الجمعية العامة بتقسيم فلسطين كان قد صدر قبلها بأشهر فقط ، كما أنه المجلس كان  ينادي بين الفترة و الفترة بوقف إطلاق النار فقط ،  تماماً كما يفعل في هذه الأيام علماً  بأن حقوق الفلسطينيين كانت قد ضمنت في وثيقة الانتداب نصاً خاصة الفقرات " الثانية و الخامسة و السادسة" و أن المجلس كان في حالة انعقاد وقت الحرب للنظر في نفس القضية !!!.

 

فإذا اتفقنا أن الخارطة المسماة مملكة داوود و سليمان كانت هي المستند التاريخي الذي تم اعتماده  في عصبة الأمم ليكون وطناً قوميا لليهود بغض النظر عن إعلان ذلك أم لا، نستطيع عندها  أن ندرك شيئا هاما جدا يفسر لنا سبب صدور القرار 1397 في هذه المرحلة و الذي يعطي الانطباع أن الولايات المتحدة بعد ثمانين عاما من الإجحاف بحق الشعب الفلسطيني اكتشفت أن له الحق بدولة و هو ما يدل " إن كان صحيحا" على صحوة الضمير الأمريكي ، و هو ليس كذلك مطلقاً  لأن مَن في ضميره ذرة من حياة لا يمكن أن يهدد باستعمال حق النقض ضد قرار من المجلس لإرسال بعثة تحقيق دولية للتحقيق في مجازر جنين، و لكن السبب الحقيقي و الذي  يفسر سبب تواطؤ و تباطؤ أمريكا في التدخل في الأزمة الحالية هو أنهم الآن بصدد تكريس المرحلة المقبلة من المملكة و هي ببساطة إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة "الموجود أصلاً خارج حدود المملكة"  و تكريس احتلال الضفة الغربية بحجة الإرهاب حتى لو انسحبت جزئياً في هذه المرحلة، إذ أن ذكر ورقة تنيت "Tenet work plan " في ذلك القرار هو بالأصل وضع العقدة في المنشار و لمن لا يعرف المعنى الحقيقي لورقة تنيت" نطلعه على النقاط الثلاثة الآتية التي يستحيل تطبيقها إلا بحرب أهلية.

 

·    تنص ورقة تنيت  في البند الرابع من فقرتها الرابعة على "  أن تتحرك السلطة الفلسطينية فوراً لاعتقال و مسائلة و محاصرة الإرهابيين في الضفة الغربية و قطاع غزة و تقوم بتقديم أسماء المعتقلين فور اعتقالهم إلى اللجنة الأمنية  مع تحديد الإجراءات التي اتخذت بحقهم "

·    تنص ورقة تنيت  في البند الثالث من الفقرة الخامسة على أن تباشر السلطة الفلسطينية بعمليات وقائية ضد الإرهابيين و ضد مخابئهم الآمنة و مخازن الأسلحة و مصانع الهاون و تقدم السلطة الفلسطينية تقارير دورية بخصوص التقدم في هذا الاتجاه للجنة الأمنية "

·    تنص ورقة تنيت  في الفقرة الثالثة أن تقوم الحكومة الأمريكية بتزويد القادة من الجانبين الإسرائيلي و الفلسطيني بمعدات الاتصالات الخاصة  بعقد  المؤتمرات عن بعد " video conferencing لتسهيل عقد محادثات متكررة وتسهيل التعاون الأمني.

 

 

إن المطلع على الإستراتيجية الإسرائيلية التي أتبعوها منذ عام 1922 في تحقيق هدفهم بإقامة دولتهم، يؤمن أنهم يتعاملون مع القضية الفلسطينية بسياسة القضم المتدرج ، فكانت هذه السياسة قبل مرحلة السلام تتم بقضم الجغرافيا، أي يعتدون على الأرض، ثم أصبحت في مرحلة السلام قضم للجغرافيا و التاريخ  " فرض تخفيض سقـف المطالب الفلسطينية بالقوة " ، وهو تماماً ما يتحقق الآن .

 

السلطة الفلسطينية وافقت على ورقة تنيت كبداية للعمل من أجل السلام ، فهل دخلت القيادة إلى الوطن لصنع السلام مع العدو أم خلق عدو من الشعب ، و هل تستطيع القيادة "أخلاقياً"  أن تطبق هذه الورقة، و هل سيسكت من ذاقوا الويلات في سجون السلطة بتكرار ذلك ، و نحن إذ نعرض ذلك فإننا نتعرض له من أجل إيجاد المخرج السياسي المشرف للقيادة التي تمر بمأزق خطير و ليس من باب تجريم فلان أو علان فيما حدث من أخطاء الماضي .

 

إذاً ما الذي يريده الإسرائيليون بعد كل ذلك.

الإسرائيليون ببساطة و لخطأ سياسي فادح ارتكبته القيادة التفاوضية الفلسطينية استطاعوا الحصول على الموافقة على ورقة تنيت ، و الإسرائيليون يعلمون جيداً أن الفلسطينيين لن يتمكنوا من تنفيذها ، لذلك فهم كلما كان هناك هدوء على الأرض أو وقف لإطلاق النار كانوا يؤججون الموقف فوراً ، لأن الورقة نصت على الاعتقال وليس الاحتواء .

 

أما الخطأ الثاني الذي وقعت فيه القيادة هو التنديد بالعمليات  الإستشهادية  "الإرهابية"    لأن الأمريكان و الإسرائيليين لا يبحثون عن التنديد، لأن التنديد بحد ذاته لن يوقف العمليات ، و لكنهم  يبحثون عن تثبيت الصفة على منفذي و مخططي و ممولي وداعمي هذه العمليات ، لأن هناك ما هو آت مما سيطالبنا به الأمريكان و تشيب له الولدان، و قد صرح بذلك الرئيس بوش علانية بقوله فور عودة كولن باول إلى أمريكا " بأنه سيطالب الرئيس عرفات بإجراءات أكثر صرامة"  و  المشكلة هنا تكمن في عدم إمكانية سحب الاعتراف بتلك الورقة  بعد حدوثه ، لذلك فأنتم تذكرون هنا قول الرئيس بوش " أنه يتعين على السيد عرفات إدانة هذه العمليات الإرهابية و باللغة العربية ".

 

الخطأ الثالث هو خطأ غريب من نوعه و يصعب تفسيره و يتلخص في استعجال القيادة السياسية لجني ثمار الخطوات الدبلوماسية، و نحن نعتقد أن هذا التصرف خطير جداً لأنه سيفرغ كل مكسب سياسي من محتواه ، و لكي نفهم المقصود بشكل أعم نضرب مثلاً على ذلك ما حصل في مجلس الأمن مؤخراً عندما طلبت سوريا باسم المجموعة العربية التصويت على قرار يخول الأمين العام للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في المجازر التي ارتكبت في جنين، و إذا بالقيادة التفاوضية الفلسطينية تقبل الطرح الأمريكي بإرسال لجنة تقصي حقائق لا يرجى منها حتى الالتئام، علماً بأنه كان من الأجدر و الأكثر نفعاً للفلسطينيين  أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض الفيتو ضد القرار و يتم إحراجها أمام العالم و إظهار الحقيقة المرة  بأنها المعوق الأساس  بوجه إحقاق الحق الفلسطيني،  و إذا أردنا أن نتساءل عن صحة هذا الإدعاء فلنبحث في أدراج التاريخ عن لجنة متشيل و ما آلت إليه توصياتها.

 

لقد بات السيناريو معروفاً ، فالرئيس عرفات لن يخون شعبه و لذلك فهو لن يستطيع و لا يريد تطبيق الجزء الفلسطيني " ورقة تنيت" من القرارات 1397 و 1402 و 1403 و هو ما قاله السيد  ياسر عبد ربه صراحة عقب لقائهم الأخير مع كولن باول بأن نتائج الاجتماع كانت كارثية، ذلك لأن الجانب الأمريكي يصر على تنفيذ ورقة تنيت و عليه فلن تنسحب إسرائيل من الضفة و لكنها ستعيد الانتشار خارج المدن ثم تعلن إسرائيل عن نفاذ صبرها أو تطالب بتسليم مسؤولين فلسطينيين لمحاكمتهم ، كمثل أن تصر على  تسليم  الأمين العام للجبهة الشعبية و السيد فؤاد الشوبكي و عندها ستتعقد الأمور فإما أن تنفذ السلطة هذا المطلب أو تمتنع ، فإذا نفذت السلطة هذا الطلب  تهدأ الأمور لبعض الوقت و تظهر تمثيلية الإنسحاب ليتلوها المطالبة  بتطبيق  ورقة تنيت  ، بل و الأدهى أن المطالبة قد تأتي من مجلس الأمن هذه المرة لأن التطبيق منصوص عليه في القرارات أعلاه ، وعندها سيعلن الإسرائيليون أن الفلسطينيين لا ينفذون التزاماتهم ثم ينتقلون إلى خطوتهم التالية من المخطط  الذي بدأ  الاجتياح من أجله ، و عند هذه النقطة  يكون تسليم المطلوبين جاء بدون مقابل، بل بخسارة كبيرة ، إذ أن الشارع سيرى في ذلك خيانة لدماء الشهداء و تراجعاً عن مقولة شهيداً شهيداً شهيداً  للرئيس عرفات ، و إذا لم تنفذ  السلطة هذا التسليم ستكون نفس النتيجة، لذلك فالسلطة في موقع لا تحسد عليه.

 

 ما هو السيناريو السياسي المتوقع من الاجتياح الإسرائيلي هو المخطط الآتي:

ستعلن إسرائيل بشكل قاطع أن الرئيس عرفات إرهابي لا يمكن التعاون معه ، و تعلن أنها بصدد ترحيله إلى خارج فلسطين و هذا ما نسمعه منهم عبر وسائل الإعلام  يومياً ، ثم تبدأ الوساطات من جهات باتت معروفة للجميع  لإقناع الرئيس بالموافقة على المغادرة إلى غزة بدل الخروج إلى خارج الوطن و هنا لن أتكهن عما سيكون عليه موقف الرئيس عرفات في هذه اللحظة ، و لكن الموافقة على ذلك ستكون خطأ إستراتيجيا  كبيرا للأسباب الآتية :

 

إن خطورة نفي الرئيس عرفات إلى غزة تكمن بالخطوات المتوقعة من الجانبين الأمريكي و الإسرائيلي بإعلان قيام  دولة من جانب واحد " أقصد من جانب الإسرائيليين " كحل مرحلي و كنواة ابتدائية للدولة الفلسطينية  تعترف بها أمريكا فوراً ، و من ثم تتوالى الاعترافات من دول العالم تباعاً و يؤجل الحاق الضفة بما يتماشى مع إثبات هذه الدولة لحسن نواياها و تمكنها من مكافحة الإرهاب و تطبيق القرارات الدولية ،  و مشكلة هذا الحل المرحلي أنه يأتي  في إطار هيمنة أمريكا على الشرعية الدولية ، إذ أن أمريكا قد توعز إلى بريطانيا عندئذ بتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن برفع عضوية فلسطين في الجمعية العامة من صفة مراقب إلى عضو، ثم  يصادق على القرار  بفعل التركيبة الحالية لمجلس الأمن أولاً ثم إن جميع الأعضاء سيقتنعون بأن هذه الخطوة ستأتي كمرحلة أولى من أجل إحقاق الحقوق الفلسطينية،  أي ببساطة لن تحتاج أمريكا إلى أي جهد لتنفيذ هذه الخطوة و لن يلتفت أحد إلى صوت سوريا في مجلس الأمن  لأن صوتها سيكون واحداً من خمسة عشر صوتاً ، و من ثم  يرفع القرار إلى الجمعية العامة و عندها تتم الموافقة عليه و  تصبح فلسطين عضو في الأمم المتحدة و هنا تأتي الخطورة ، فالقرارين 242 و 338 هما قراران صدرا بحق دولة عضو في الأمم المتحدة  و هي إسرائيل و هما لا ينطبقان قانونيا على الفلسطينيين كما لا ينطبق أي قرار آخر على الفلسطينيين إلا من خلال اتفاق  لأن فلسطين هي عضو مراقب و ليس لها عضوية كاملة في الأمم المتحدة  ، و بسبب الهيمنة الأمريكية على الأمم المتحدة تستطيع الولايات المتحدة عندئذ  تمرير ما تشاء من القرارات بحجة مكافحة الإرهاب  بما في ذلك السماح لإسرائيل  بتأجيل انسحابها من الضفة لقرون بحجة مكافحة الإرهاب لأنهم على يقين تام بأن المقاومة لن تنتهي ، و قد كانت ورقة تنيت هي الفخ الذي سقطت فيه السلطة  بموافقتها على ما لا يمكن تطبيقه ، كما أن إقامة دولة فلسطينية و منحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة  قبل الحل النهائي  سيفرض علينا القرارات التي ستكون دائما إلى جانب الطرف الإسرائيلي لأن القرارات ستصدر ببساطة من واقع التزام بريطانيا و أمريكا  بخريطة مملكة داوود و سليمان .

من هنا كان لا بد لنا أن نفهم أن مجزرة جنين جاءت فصلاً من فصول المسرحية القديمة قدم الاحتلال من أجل  إفراغ الضفة من سكانها ليكون ذلك استكمالاً للاستيلاء على أرض هذه المملكة و تطبيق دستورها الذي نص على أن تكون دولة خالصة لليهود ، بيد أن كل الشواهد دللت على أن هذه المحاولة بائت هذه المرة بالفشل و لكننا لا بد أن نبقى على يقين تام أنهم لن يترددوا عن خلق الذرائع من أجل تكرار المحاولة  لتحقيق هذا الهدف.

 

تلخيص المأزق السياسي:

القيادة السياسية الفلسطينية الآن في مأزق سياسي كبير و خطير ولهذا المأزق سببين أساسيين:

1-  إن  أي حل سيحاول الأمريكيون أو الإسرائيليون فرضه على الفلسطينيين سينبع من حاجة دولة إسرائيل لإكمال مخططها التاريخي و لذلك فإنهم سيحافظون على بؤرة توتر على الحدود الأردنية و المصرية حتى يتمكنوا  في المستقبل من الدخول إلى هذه الحدود و احتلال باقي أجزاء مملكة داوود و سليمان و هذا يفسره خطاب شارون الأخير في الكنيست  و الذي أشار بوضوح أن هذه الحرب لن تعرف حدودا جغرافية و لهذا قام بتوسيع حكومته على أسس حكومة وحدة وطنية بما ينذر بخطورة الموقف.

2- أما السبب الآخر و الأهم هو أن الأمريكيين و الإسرائيليين سيطلبون اعتقال المقاومة الفلسطينية و جمع السلاح و تطبيق ورقة تنيت في كل لقاء أو مفاوضات و  هو ما استحال فعله بعد بطولات جنين وتضحيات الانتفاضة و عدم قبول الشارع الفلسطيني بأي حال من الأحوال إلى أسس التفاوض العبثية السابقة .

 

لهذا فإن إسرائيل و أمريكا لن تتوصلا إلى حل مع الفلسطينيين و ستقومان بترحيل الرئيس عرفات إلى غزة و سيعلنون لنا دولة رغماً عن أنفنا في غزة مع التحجج بأن الضفة الغربية ستنضم إلى الدولة بعد عدة سنوات و هذا ما ثبت مما قاله الجنود الإسرائيليون لمن رحلوا من أفراد الشرطة الفلسطينية إلى غزة قبل عدة أسابيع  بأن رئيسكم سوف يلحق بكم و سيقام لكم دولة في غزة.

 

 عندها سيصوت المجتمع الدولي على تحويل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة إلى عضوية كاملة و يستطيعون عندئذ فرض أي قرارات علينا بالأغلبية كما يفعلون الآن بالعراق بغض النظر عن شرعية ذلك من عدمه كما أنهم سيسقطون القرارات السابقة بما يتماشى مع المسرحيات التي ستطرح في حينه .

___________________________

 

المخرج من هذا المأزق  :

 

على القيادة أن تدرك ذلك و تقوم بإعلان الآتي :

 

1- نظرا لفشل مجلس الأمن عن قيامه بمهمته في حفظ الأمن و إجبار دولة عضو في الأمم المتحدة  بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية  التي احتلتها بالقوة بما يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة و  أهداف مجلس الأمن.

2-  و نظراً لأن الفترة القانونية الممنوحة لمعاهدة أوسلو و التي تنص على أن نكون قد توصلنا لإعلان حل نهائي قائم على قراري مجلس الأمن 242 و 338 و مبدأ الأرض مقابل السلام و سقوط الاتفاقية قانونيا بتاريخ 13/9/2000ً .

 

فإن القيادة الفلسطينية تلغي اعترافها بأية تفاهمات مرحلية قائمة على القرارات 242 أو 338 أو اتفاقية أوسلو و تعيد ملف القضية الفلسطينية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالبة بتطبيق القرارين 181 و 194 فوراً و بدون تأخير للأسباب الآتية :

 

1- إن قبول إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة كان بناءً على توصية من مجلس الأمن الذي رأى أن دولة إسرائيل هي دولة محبة للسلام ، و نحن نستطيع نقض ذلك قانونيا باستعمال آلاف الوثائق التي صدرت عن مؤسسة الأمم المتحدة و المؤسسات المنبثقة عنها بما يثبت عكس ذلك و عليه تكون إسرائيل قد خرقت  المادة الرابعة من الفصل الثاني لميثاق مؤسسة الأمم المتحدة.

2- إن قبول إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة كان بناء على  وثيقة قدمتها و تلتزم بها بالقرار 181 و هو قرار التقسيم .

3- إن الاتفاقيات الموقعة لحماية المدنيين زمن الحرب و خاصة إتفاقية جنيف الرابعة وقفت عاجزةً عن حمايتهم،  علما بأن هذه الاتفاقيات خرقت أمام أعين العالم  و تناقلتها كافة وسائل الإعلام.

 

وعليه فإن القيادة الفلسطينية إذ  تبلغ الجمعية العامة للأمم المتحدة بوجوب تطبيق القرارين 181 و 194 فوراً و دون تأخير لتؤكد لكل الأطراف المحبة للسلام و التي تود أن تتدخل لحل القضية وجوب انحصار أي اقتراح بآلية تطبيق هذين القرارين.

_______________________________________

 

عندئذ فإن القيادة لن تصطدم بالمعارضة أو فلسطيني المهجر  لأن المعارضة جميعها تتفهم أن  هذا القرار  يشكل مخرجاً قانونيا للقيادة السياسية الفلسطينية مع ضمان عدم معارضة الحركات الإسلامية ليقينها التام بأن إسرائيل سترفض ذلك، و عليه فإن جميع الفصائل سترحب بهذا الطرح بما سيدعم الموقف التاريخي للوحدة الوطنية ، و من ثم يحرج هذا الطرح دول العالم لقانونيته ، لذلك فإذا تمسكت القيادة بهذا الموقف بنفس الطريقة التي ثبت بها حزب الله في لبنان على مواقفه، فإنه لن يبقى لأحد في العالم إلا القبول بهذا الطرح أو الصمت و المقاومة الفلسطينية عندئذ  كفيلة بفعل الباقي إذ أن معركتنا مع العدو هي معركة وقت وليست حدود لأن الواضح أن الإسرائيليين يريدون الأرض كلها و السلام كله و يرون أن لهم دولة واحدة بينما للفلسطينيين 22 دولة يستطيعون العيش ، هذه نظرتهم و قد آن إدراكها ، كما أن الموقف السياسي العربي لن يتذرع عندئذ بأنه ملتزم بسقف المطالب الفلسطينية ، كما أن المطالبة بالقرارين السابقين يضمن بقاء قضية اللاجئين حية ، لأن القرار 194 يطالب  بعودة اللاجئين .

 

أما بالنسبة لمبادرة الأمير عبد الله فأمرها سهل جداً قانونياً و يتلخص في بيان صغير عن الرئاسة يفيد بأنه نظراً لرفض إسرائيل قبول المبادرة كجزئية متكاملة فإن القيادة الفلسطينية قررت رفض المبادرة.

 

رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة :

فخامة الأمين العام السيد كوفي عنان المحترم ،

 

لم نكن يوما شعبا غبيا تنطلي عليه الحيل و الألاعيب و نعدكم ألا يشهد التاريخ يوما نكون فيه كذلك ، إن قضيتنا العادلة هي قضية خلقت في الأمم المتحدة ، و شعبنا الأبي البطل شرد في العالم تحت مرأى و مسمع من مؤسستكم ، و ارتكبت أخيرا المجازر و انتهكت المواثيق و أنتم جميعا ترون ذلك ، فإعلام اليوم ليس كإعلام عام 1922، إننا إذ نذكر لكم  ذلك لنذكركم أن دولة البغي و العدوان التي اعترفت بها مؤسستكم عضوا حسب  القرار 273 للعام 1949 كان مبنيا على أساسين مهمين :

·    أولهما أن الأمم المتحدة ترى في إسرائيل دولة محبة للسلام.

·    و ثانيهما الالتزام الذي وقعته إسرائيل بقبولها بقرار التقسيم.

 

سيدي الأمين العام لسنا بصدد سرد الآلاف من مستندات مؤسستكم التي تدين إسرائيل و تحذرها و تطالبها بالعدل و الإنصاف و الإلتزام بالمواثيق الدولية، و لكننا نرى أنه يمكننا أن نذكركم بوجود كافة هذه المستندات في مكتبة مؤسستكم إذا أردتم الإطلاع عليها و نود في هذا المقام أن نبلغكم أن المؤسسة التي تديرونها قد فشلت في التدخل الفاعل لحل قضيتنا التي هي أصلا قد اختلقتها ،و في هذا المقام نريد أن تصلكم منا رسالة واضحة مفادها أن دولة غير محبة للسلام و دولة تستعمل إرهاب الدولة وقتل المدنيين الأبرياء و تخرق الاتفاقيات و تحرق المزروعات و تعتقل الآلاف لمجرد الشكوك و تدمر البنية التحتية و تجرف البيوت هي ليست أهلاً لأن تكون عضوا في مؤسستكم لأن وجودها هو خرق فاضح للمادة الرابعة من الفصل الثاني لميثاق مؤسستكم ، كما أن عدم تنفيذها للمواثيق الدولية تجعلها دولة تخرق الميثاق بكافة مواده و فصوله.

 

و استناداً لما تقدم  فإننا نطالبكم بنزع عضوية إسرائيل فورا من الأمم المتحدة.

 

أما الأمر الثاني يا سيادة الأمين العام ، فإن في ميثاقكم الكثير من المواد التي تطالب بحماية المدنيين و استعمال الفصل السابع لتحقيق هذا الهدف  في حال تأكد فشل الطرق السلمية، و لكن الأهداف السياسية لبعض الأعضاء الدائمين حالت و في المئات من المرات دون التدخل الفاعل لحماية شعبنا و على مدار سنوات طويلة ، بدءً من وثيقة الانتداب لعام 1922 حتى قبل عملية السلام التي ترفض إسرائيل حتى أن تطبق ما عاهدت عليه ، أما أن يستمر ذلك التعنت حتى في زمن صنع السلام فإن ذلك يا سيدي تصرف لم نجد له تبريراً .

سيدي الأمين العام ، إننا و من موقع المسؤولية لم نجد من الكلمات ما نجيب بها شعبنا لتبرير المعاناة اليومية التي تكثفت مع بدء المسيرة السلمية و لم نستطع تفسير السياسات التي تتبعها إسرائيل من  إرهاب الدولة و قنص الأبرياء و خرق الاتفاقيات و حرق المزروعات و اعتقال الناس على الحواجز لمجرد الشكوك و تدمير البنية التحتية و تجريف البيوت و عمليات الإعدام بدون محاكمة بالطائرات الأمريكية، و سياسة الإذلال و المهانة على الحواجز ، كما أننا لم نستطع إجابة من صودرت أرضه زمن السلام عن سبب المصادرة التي جاءت في الوقت الذي كان من المفروض أن يسترد الناس  أرضهم لا أن يفقدوها ، كما إنه من الجدير أن نذكركم أن المجازر التي ارتكبت أخيراً في جنين ، ارتكبت بحق البشر و لم ترتكب بحق قطيع من الخراف، فلماذا إذاً يحرم هؤلاء من لجنة تحقيق دولية فاعلة و لماذا تمنع العدالة عنهم و لماذا لا يحاكم المجرم إذا ثبتت إدانته ، فإذا كانت معالم الظلم هذه نابعة من مؤسسة لها ميثاق يحارب الظلم ، فلماذا تستغربون أن يكون بين المظلومين من يعامل الظالم بما تعاملون أنتم به المظلوم ، إن عجزكم و عجز مؤسستكم سيدي إضافة إلى عجز فصلكم السابع من ميثاقكم عن حماية المدنيين ، لم يترك لهؤلاء المدنيين وسيلةً يدافعون به عن أرضهم و عرضهم إلا أنفسهم فحولوها إلى قنابل بشرية و أنت تعرف أنه في الحروب يسقط مدنيون و نحن نأسف لذلك و نعدكم أنهم سيمتنعون بمحض أنفسهم عن ضرب المدنيين فور حصولهم على قذائف اليورانيوم المنضب و القاذفات إف16 و صواريخ كروز المطلوبة  لتنفيذ قراراتكم الموقرة التي بتنا نعجز عن معرفة عددها لكثرتها ، و إلى حين ذلك فإننا نتوجه إليكم أن تبلغوا الشعب الإسرائيلي أنهم ليسو أهلاً لصنع السلام و عليهم الاقتناع بعدم جواز الاستيلاء على الأرض و العرض و الكرامة و انتظار الخنوع من شعب شهد له التاريخ بأنه لا يقهر، و لذلك فإن مؤسستكم كانت قد أصدرت حكمها في قضية فلسطين مجملة بالقرارين 181 و 194 و لهم الخيار بين تطبيق القرارين المذكورين أو تجنب التواجد في الأماكن العامة و ركوب الحافلات فقد علمنا الأخوة الأمريكان مقولة لن ننسى لهم الفضل فيها فمن شدة فخرهم بها يضعونها على لوحات السيارات في ولاية نيوهامبشاير  و تقول  LIVE FREE OR DIE  و معناها بلغتنا إما أن تعيش حراً أو تموت ، و ما دمتم أنتم سيدي محبون للسلام و تعجزون عن صد دولة الإرهاب الأعظم إسرائيل فيشرفنا أن نتبع خطى أمريكا في تلك المقولة ليكون من بيننا من يستشهد من أجل السلام.

و لهذا فإننا كشعب فلسطيني استلب حقه يا سيدي نعيد لكم قضيتنا على هيئتها قبل عام 1948 و إن كنتم تريدون السلام حقاً  فإن الغاية التي أوجدت من أجلها مؤسستكم هي إيجاد السبل لصنع السلام،  فإن لم توجد بالطرق السلمية  فإنكم ملزمون بالمادة 42 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة.

و إلى حين أن نرى تطبيق القرارين 181 و 194 واقعاً ملموساً  نرجوكم  أن ترفعوا أيديكم  و أيدي مؤسستكم  عن قضيتنا فقد آذيتمونا أكثر مما أفدتمونا.

 

المفكر الفلسطيني المهندس عصام حلمي حماد                   

hammadisam@hotmail.com

يرجى من جميع المطلعين على هذا البحث أن يوزعوه على كافة معارفهم  نظراً لأهمية و خطورة و دقة المرحلة الحالية، و للأخوة القاطنين في أمريكا ليتكم ترسلون لي ترجمة حرفية للخطاب الوارد في نهاية البحث.

إننا و لنشر الوعي في هذه القضية يهمنا بشدة معرفة عدد المطلعين على هذا  البحث لتقييم الجهد المبذول لنشره،  لذلك فإنني أرحب باستقبال التعليقات و الانتقادات على العنوان البريدي المدرج أعلاه، ومن لا يرغب بالتعليق نطلب منه مشكوراً أن يرسل لنا رسالة تفيد بأنه اطلع عليه و  لا نتطلع إلى استلام أي معلومات خاصة عن القارئ.